أكتب إليكم هذه الأحرف (بجمع القلة) وكل سأم (ملل) شديد وقلق وكسل وتكاسل.. من عادتي أنني إذا هويت هويت في فج عميق وراء هواياتي، لكن ما علينا لنعد لموضوعنا… أظن أن أهم اختراعات البشرية في بدايات تطورها أو عمومًا هه العجلة.. العجلة بمعناها الواسع الذي هو: أي شيء يسهل على الإنسان حركته. كالسيارة أو الطاحونة أو العربية الكارو (التي يشدها الحمار) أو الكرسي… أي شيء تدخل فيه وسيلة تحويل القوة الدافعة بواسطة جسم دائري لطاقة حركية عجلة.
ولعل هذه الحاجة الملحة المتأصلة في الإنسان دعته إلى التخفيف من أحماله بأي شكل ممكن… فقادته فيما بعد إلى عجلة التطور.. والناظر لتاريخ وفلسفة العلوم في المعارف الإنسانية يجد أن من أولها الميكانيكا والفلك.. كأني الإنسان قد نسي أن هناك أحمال أخرى أشد ثقلًا فكان علم النفس والأحياء من أواخر العلوم التي تطورت.
الحديث عن الإنسان البدائي حديث ذو شجون يذكرني بإنسان النيانديرتال الذي كان ذكيًا كرفيقه الهوموسيبيان وأقوى وله رؤية أفضل وتسامح أعلى مع الألم ومع ذلك انقرض… ولكن هذا كلام لموضوع آخر لن يأتي وقته (نعم.. لن أتكلم عليه لأنه موضوع شائك جدًا)
ظلال لها وزن:…
في مثال من الأمثلة المتكررة في الشبكات الاجتماعية يقول القائل المتحذلق:
ويروى عن رجل استوقفه منظر الفيل العظيم كالجبل كيف يقاد بحبل فقال: كنت أفكر ذات يوم في حيوان الفيل، وفجأة استوقفتني فكرة حيرتني وهي حقيقة أن هذه المخلوقات الضخمة قد تم تقييدها في حديقة الحيوان بواسطة حبل صغير يلف حول قدم الفيل الأمامية
فليست هناك سلاسل ضخمة ولا أقفاص! وكان من الملاحظ جداً أن الفيل يستطيع وببساطة أن يتحرر من قيده في أي وقت يشاء لكنه لسبب ما لا يقدم على ذلك! شاهدت مدرب الفيل بالقرب منه وسألته: لم تقف هذه الحيواناتالضخمة مكانها ولا تقوم بأي محاولة للهرب؟ حسناً، أجاب المدرب: حينما كانت هذه الحيوانات الضخمة حديثة الولادة وكانت أصغر بكثير مما هي عليه الآن، كنا نستخدم لها حجم القيد الحالي نفسه لنربطها به. وكانت هذه القيود – في ذلك العمر– كافية لتقييدها.
وتكبر هذه الحيوانات معتقدة أنها لا تزال غير قادرة على فك القيود والتحرر منها، بل تظل على اعتقاد أن الحبل لا يزال يقيدها، ولذلك هي لا تحاول أبداً أن تتحرر منه
صحيفة الاقتصادية، ومصادر أخرى
الاقتباس السابق جزء من مقال (وضعت مصدره في أخر الاقتباس) يعود لسنة 2009.. ولعل هذه أقدم وثيقة رقمية لهذه القصة…
تشبه قيود الفيل البائس الظلال النفسية التي تتركها التربية على نفسية الأطفال… فتتركه مدمرًا مشوهًا.. إما أن يكون بائسًا مع احتمالية دائمة للتدمير الذاتي عن طريق المخدرات أو ما شابهها من أساليب الفساد، أو يخرج على المجتمع شخصية مشوهة حقيرة يقتنص الشرور في كل منعطف فيصبح مرتشيًا أو ظالمًا في منصب ما.
و إنني أعجب أشد العجب كيف يمكن أن تستبد هذه الظلال النفسية بأبناء الأربعين من الرجال فما فوق.. تخيل أن ترى رجلًا في سبيعينياته يبكي بسبب موقف حدث له قبل العشرين من عمره؟! ظل في ذاكرته حبيسًا ولم يتغير إلا عمره الحيوي.. فما بالك بمن هم أصغر؟
أقول هذا وقد تجنبت قراءة الكتب التي تتحدث عن التربية السامة وغيره ككتاب “أبي الذي أكره” لعلمي أنني قد أبالغ في إسقاط فشلي الذي أتحمل الجزء الأكبر منه على نفسي.. فأدعي أنني الضحية، فأشكو أبواي الذين أحسنا إلي غاية الإحسان.. وأنضم إلى بلهاء الدعوات إلى الفردانية، والأعدل في هذا وذاك أنني يجب أن أتخذ خيارً وسطًا ولكنني لست من أهل الإنصاف دائمًا….أتسائل كيف يتجنب الإنسان العاقل خلع رداء الضحية عن نفسه؟
الطبيب والمهندس والمغفل…
من الأمثلة البشعة على الأحمال الزائدة… مسألة التخصص الدراسي والوجاهة، وما هي إلا جريمة شديدة شارك فيها كل أطراف المجتمع.. يحسرون الطفل في أحلامهم وافتراضاتهم التي لم يحققوها هم.. والواقع أنهم يحسرونه فعلًا.. حسرة ضياع العمر بناءً على افتراض:
خليك مهندس لكي ترتاح في حياتك.. كن طبيبًا وسوف أضمن لك كذا وكذاا… لا أدري من أين جاء الناصحون بهذا اليقين؟ ونحن لا ندري هل نعيش الساعة القادمة أم نموت؟ وهذا يفتح بابًا عريضًا.. أن حياتنا هنا مبنية على افتراضات مغلوطة أو ناقصة أو مشوهة.. افتراضات لا تواكب عجلة التقدم وتهمل أشياء مثل التخصصات الأدبية المهمة كالترجمة وغيره..
ويضيع العمر في شيء سخيف…. ومن سيضيع عمره هو المغفل ولا أدري هل أشفق عليه لصغر سنة (18 سنة) أم أقول يستحق (وأنا معه) ما جرى له؟ وربما يكون الحل في القراءة الواعية من سن صغيرة.. لعلها تترك له مساحة للمناورة تنجيه من الغفلة والتبعية وتقربه شيئًا فشيئًا من الحرية والنضج.
بارانويا ولكن….
الحديث عن الافتراضات لن تحيط به المجلدات العريضة.. في باب صناعة المحتوى مثلًا.. لم يعلّق هؤلاء على منشوري أو لم يلق التفاعل المتوقع.. إذًا منشوري سيء. ولمثل هذه الأفكار هناك حلول كتقليل التوقعات وتحليل مكمن المشكلة كأن ما كتبته ليس هدفه المنفعة أصلًا ومن الحلول التي قدمها لي الصديق يونس.. أعمل العمل لوجه الله.. وأعمم أن أي عمل يجب أن يكون لوجهه خالصًا، فهو الغاية والمنتهى والمحل السامي ومحط الآمال.. ومن نسأله الرضا فعسى الله أن يرضى عنا ويغفر لنا.
والقصد من العنوان الفرعي يقودنا إلى صورة أخرى من حكم السوشيال ميديا… والواقع أنني أحتقر معظم ما يأتي فيها لأنها إما كلام منمق هزيل المعنى أو كلام يحتاج تفصيلًا كما قال الشاعر:
والمرءُ ساعٍ لأَمرٍ ليس يُدْرِكهُ = والعَيْشُ شُحٌّ وإِشْفَاقٌ وتأْمِيلُ
سمعه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:
يعجبهم من حسن ما قسم وما فصل.. أي أن الكلام حكيم غاية الحكمة لكنه يحتاج شرح كثير.. وقد يختلف فيه الكثيرون.. والصورة الشهيرة جدًا التي أقصدها هي هذه:

وقس على ذلك الكثير من ظنون الناس خصوصًا الذين يضربون بأوتاد أفكارهم في أدمغة الناس.. وقد صدق أهل السوشيال ميديا في تداولهم، الأمر الذي يدعوني للتساؤل: هل كثرة التعرض للحكمة في كسل (أثناء تصفح الهاتف مثلًا) تصيب المرء ببلادة فكرية؟ فتصبح الحكم والمواعظ على النت بلا قيمة تقريبًا؟
هوامش لا علاقة لها بالمقال:
اتخذت قراري ولكن ليس بشكل قاطع أن أترك أي جهد أستثمره في عملي كاتبًا للمحتوى وأهلكه في أشياء أخُر خاصة أنني أمر باكتئاب ما قبل التخرج كونها أخر سنة دراسية لي… ويفعل الله ما يشاء، ولا أدري هل أدرك عملًا آخر؟ كوني لا أفقه إلا كتابة المحتوى في الأعمال، ولديّ أسبابي في هذا الأمر، ومنها:
لا أعطي الأمر الجهد الكافي.. لا أرى الأمر يستحق (بالنسبة لي تحديدًا، وظروفي ليست بالضرورة مثلًا يحتظى به) وإن كنت أرى مستقبلًا شبه مشرق للكتابة وصناعة المحتوى بشكل عام.. لكنه يحتاج الإخلاص.. الإخلاص الشديد يا صديقي.
سيو إلا ثلاثة أرباع..
زادت الزيارات التي تأتي المدونة بشكل عام.. ومن جوجل بشكل خاص: خاصة مقالي 5 مقالات تستحق القراءة من البوكيت خاصتي وهو مؤشر جيد جدًا.. على حرص الناس على ما هو مفيد:

لاحظ أن المدونة موجودة على الخطة المجانية، وقد حدثت مشاكل فيها.. بحيث أصبحت أحتاج للفهرسة يدويًا عكس البدايات.. وهو ما أتكاسل عن فعله لأن عدد الصفحات التي تستطيع فهرستها معدود في اليوم الواحد..

أكثر من نصف الصفحات لم يفهرس.. ليس جميعها مقالات بل الصفحات مثل خدماتنا وغيره لها حصة في الفهرسة.. والخطة المجانية لا تعطيك وصول للكود المصدري لصفحتك.. لذلك أوصيك بالمدفوعة ما استطعت إليها سبيلًا أو برمجة مخصوصة، المهم أن تمتلك موقعًا تستطيع أن تعدل في كوده.. وعني لن أشتري دومينًا لأسباب اقتصادية أسأل الله ألا يريك مثلها.
حديث لن يطول
العنواين الموجودة في google keep لدي كثيرة بعض الشيء ومتعددة على مقاس اهتماماتي العديدة.. لكنه الكسل لعنة الله عليه قيّد يدي فلم أكتب فيها شيئًا منها:

وغيرها من الملاحظات.. لذلك فضلت إنهاء المقال على هذا العنوان.. طلبًا للعمل ونفضًا للكمال الزائف في متلازمة المحتال التي فتكت بنا كأشد الأمراض وأثقلها ظلًا.. أضف لذلك قلة حركتي وزهدي الأخير في الكتابة والأدب.. والأدب يا صديقي يحتاج حملًا من التجارب والمعاملات والخوض في أوحال الناس وسرقة شخصياتهم ورصفها في كتاباتك، وهو ما لا يتوافق معي في الفترة الأخيرة إذ ألازم البيت كثيرًا جدًا.. ثم أسأل نفسي لماذا أنا مكتئب مؤخرًا؟ عجيب!
بالمناسبة أنت مرحب بك لكتابة أي عنوان في الصورة أعلاه.. أعلمني فقط حتى لا أضيع وقتي فيه وأشارك مقالك بالمرة.
رأي واحد حول “عن وزن تلك الأشياء التي تقل كاهلنا….”